أخبار الموقع

(ارسلَ، بعثَ) الفرق بينهما .

 (ارسلَ، بعثَ) الفرق بينهما .

يختلط الأمر عند ذكر لفظي (ارسلَ، بعثَ) وربما لا نجد تعريفًا دقيقًا للفظ (بعثَ) أو فصلها عن لفظ (ارسلَ).
ولكن عندما نتدبر آيات القرآن الكريم سنجد بإذن الله أنَّ (بعثَ) تدل على مراد آخر يُميز بينها وبين (ارسلَ) حيث أنَّ كل كلمة منهما لها معناها الخاص بها الذي يساعدنا في تفسير آيات الله كما أراد الحق سبحانه وتعالى، والرد على من يدعون ظلمًا أنَّ القرآن كلام بشر وليس كلام الله!
قال الله تعالى: (وَجَاءَتْ سَيَّارَةٌ فَأَرْسَلُوا وَارِدَهُمْ فَأَدْلَىٰ دَلْوَهُ ۖ قَالَ يَا
بُشْرَىٰ هَٰذَا غُلَامٌ ۚ وَأَسَرُّوهُ بِضَاعَةً ۚ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِمَا يَعْمَلُونَ ﴿19﴾ ) سورة يوسف.
فهم ارسلوا واردهم إلى مكان مُحددًا سلفًا وهو البئر، ليأتي لهم بشيئًا مُحددًا وهوالماء.
وليس للرسول حرية التصرف لجلب شيئًا آخر سوى الماء من البئر المُحدد.
لذلك قال سبحانه: (ارسلوا واردهم) ولم يقل بعثوا واردهم، حيث أن كل شيئ قد تم تحديده من قبل وليس على الرسول سوى أن يُنفذ.
لكن نجد الأمر قد إختلف في الآية التالية، حيث قال الله تعالى: (وَكَذَٰلِكَ بَعَثْنَاهُمْ لِيَتَسَاءَلُوا بَيْنَهُمْ ۚ قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ كَمْ لَبِثْتُمْ ۖ قَالُوا لَبِثْنَا يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ ۚ قَالُوا رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثْتُمْ فَابْعَثُوا أَحَدَكُمْ بِوَرِقِكُمْ هَٰذِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ فَلْيَنْظُرْ أَيُّهَا أَزْكَىٰ طَعَامًا فَلْيَأْتِكُمْ بِرِزْقٍ مِنْهُ وَلْيَتَلَطَّفْ وَلَا يُشْعِرَنَّ بِكُمْ أَحَدًا ﴿19﴾ ) سورة الكهف.
تم ذكر لفظ (بعثناهم) فهم لا يحملون رسالة، ولكن بعثهم الله تعالى ليمارسوا حياتهم بإرادتهم بإذن الله.
كذلك حينما جاء لفظ (فابعثوا) لشراء الطعام حيث لم يحددوا للمبعوث أي نوع من الطعام سيأتي به، ولم يحددوا له المكان ولم يحددوا الثمن، ولكن تركوا للمبعوث حرية الإرادة في أن يتخير نوع الطعام الذي يراه مُناسبًا من المكان الذي يريده وبالثمن الذي يُحدده هو دون تدخل ممن بعثوه.
مثلا لو أراد إنسان أن يشتري طعامًا فإما أن يُرسل إنسان وإما أن يبعثه فما الفرق بين الحالتين ؟
إذا بعث إنسان ليأتي له بالطعام فإن للمبعوث حرية التصرف والإرادة في أن يشتري الطعام من المطعم الذي يريده ويتخير نوع الطعام ويُحدد ثمنه بإرادته، حيث أن المبعوث لديه حرية التصرف لأنَّ الذي أرسله لم يُحدد له نوع الطعام أو المكان الذي سيشتري منه أو الثمن الذي سيدفعه في شراء الطعام.
أما في حال قام الإنسان الذي يريد الطعام بتحديد كل شيئ، فإنَّ الرسول الذي سيأتي بالطعام ليس له حرية التصرف لأنَّه يأتي بالطعام الذي تم تحديده من المكان المُحدد وبالثمن المُحدد مسبقًا.
مثل من يتصل بمطعم ويحدد معه نوع الطعام وكميته وثمنه، فإنَّ الرسول يذهب ليأتي بالطعام فقط، وليس له حرية في تغيير شيئًا من المتفق عليه، فهو رسول فقط وليس مبعوث.
قال الله تعالى: (إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ بِالْحَقِّ بَشِيرًا وَنَذِيرًا ۖ وَلَا تُسْأَلُ عَنْ أَصْحَابِ الْجَحِيمِ) البقرة - الآية 119 .
الرسول لا يُسأل عن عمل من اُرسل إليهم، فهو مُكلف بإبلاغهم فقط بالرسالة.
كما أن الرسول لا يأتي بآية من عنده كما بين الله لنا في قوله: (وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلًا مِّن قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجًا وَذُرِّيَّةً ۚ وَمَا كَانَ لِرَسُولٍ أَن يَأْتِيَ بِآيَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ ۗ لِكُلِّ أَجَلٍ كِتَابٌ) سورة الرعد آية 38 .
إنَّ الرسول دوره قاصر على تبليغ الرسالة فقط، وأن يُبشر المؤمنين ويُنذر من أعرض من قومه ويشهد عليهم يوم القيامة.
(إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا ) الفتح - الآية 8 .
وفي آيات كريمة نجد لفظ (ارسَلَ) قد تم اسناده لغيرالملائكة والبشر، ففي الآية التالية نُسب للريح، حيث قال سبحانه عند عقاب الظالمين: ( فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا فِي أَيَّامٍ نَّحِسَاتٍ لِّنُذِيقَهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ۖ وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَخْزَىٰ ۖ وَهُمْ لَا يُنصَرُونَ) فصلت - الآية 16.
لم يقل فارسلنا إليهم إنما قال سبحانه وتعالى: (فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ) فما الفرق بين القولين؟
قوله جل وعلا: (فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ) معناه أن الريح لا تُبلغهم رسالة ولكن هي تحمل العقاب الذي قدره الله جزاءً للمجرمين في الحياة الدنيا، فهي حاملة فقط للعقاب.
ولكن في الآية التالية جاء لفظ (يبعث) حيث قال الله تعالى: (قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَىٰ أَن يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِّن فَوْقِكُمْ أَوْ مِن تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعًا وَيُذِيقَ بَعْضَكُم بَأْسَ بَعْضٍ ۗ انظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الْآيَاتِ لَعَلَّهُمْ يَفْقَهُونَ) الأنعام - الآية 65.
لأنَّ العذاب بُعث من نفس المكان ومن أمثلته: الزلازل والبراكين والأمطار والسيول فهو لم يأت من مكان بعيد.
ولنتبين معنى لفظ (بعثَ) عندما يُنسب لغير البشر نذكر قول الله تعالى: (فَبَعَثَ اللَّهُ غُرَابًا يَبْحَثُ فِي الْأَرْضِ لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوَارِي سَوْءَةَ أَخِيهِ ۚ قَالَ يَا وَيْلَتَا أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هَٰذَا الْغُرَابِ فَأُوَارِيَ سَوْءَةَ أَخِي ۖ فَأَصْبَحَ مِنَ النَّادِمِينَ) المائدة - الآية 31.
يتبين لنا من لفظ (فبعث) أنَّ الغراب كان يمارس حياته في الطبيعة عندما كان يبحث في الأرض فهذه حياته التي خُلق لها، ولم يحمل رسالة لأبن آدم، ولكن عندما رآه وهو يبحث في الأرض أدرك كيف يواري سوءة أخيه، فأصبح من النادمين لأنَّه عجز أن يكون مثل الغراب.
ننتقل إلى قول الحق: (أَلَمْ تَرَ إِلَى الْمَلَإِ مِن بَنِي إِسْرَائِيلَ مِن بَعْدِ مُوسَىٰ إِذْ قَالُوا لِنَبِيٍّ لَّهُمُ ابْعَثْ لَنَا مَلِكًا نُّقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ۖ قَالَ هَلْ عَسَيْتُمْ إِن كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ أَلَّا تُقَاتِلُوا ۖ قَالُوا وَمَا لَنَا أَلَّا نُقَاتِلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَقَدْ أُخْرِجْنَا مِن دِيَارِنَا وَأَبْنَائِنَا ۖ فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ تَوَلَّوْا إِلَّا قَلِيلًا مِّنْهُمْ ۗ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ)البقرة - الآية 246
الملك سيبُعث فيهم فهو من نفس القوم يعيش معهم وسيكون قائد لهم في المعركة، له إرادة في كيفية تنظيمها وتحقيق الهدف المطلوب.
كما نلاحظ حرية الجندي في المعركة التي جعلته مبعوث وليس رسول كي يتمكن من تحقيق الهدف المحدد عن طريق حرية التصرف والقدرة على اتخاذ القرار المناسب، حيث قال سبحانه وتعالى: (فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ أُولَاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَّنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُوا خِلَالَ الدِّيَارِ ۚ وَكَانَ وَعْدًا مَّفْعُولًا)الإسراء - الآية 5.
هذا الآية الكريمة تدل بدقة على أن لفظ (بعثَ) يوحي بحرية التصرف والإرادة لدى صاحبه، فهو مكلف بتحقيق هدف ما ولكن وفقًا لما يراه مناسبًا.
فالله تعالى لم يقل ارسلنا لأنَّ الجنود في المعركة ليسوا رسل يبلغون رسالة فقط ثم يتوقف دوره بعد ذلك، ولكن هم أصحاب قرار اثناء سيرها ولهم حرية التصرف كما يروا وفقًا لأحداث المعركة التي أمامهم.
قال الله تعالى: (وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِّنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِّنْ أَهْلِهَا إِن يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا) النساء - الآية 35
سنُلاحظ أن الحَكَم ليس رسول يبلغهم رسالة فقط، بل هو صاحب قرار في كيفية الصلح بينهما لذا فهو مبعوث يسعى بإرادته وتقديره للأمور إلى الصلح بينهما. إن لفظ (فابعثوا) دلت على حرية الحكم الذي سيبعثوه في كيفية تحقيق الهدف المطلوب منه، ودلت أيضًا على أن كل مبعوث منهما ينتمي لأحد الطرفين بسبب صلة القرابة.
قال الله تعالى: (اكَذَّبَتْ ثَمُودُ بِطَغْوَاهَا ﴿11﴾ إِذِ انْبَعَثَ أَشْقَاهَا ﴿12﴾ فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ نَاقَةَ اللَّهِ وَسُقْيَاهَا ﴿13﴾ فَكَذَّبُوهُ فَعَقَرُوهَا فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُمْ بِذَنْبِهِمْ فَسَوَّاهَا ﴿14﴾ وَلَا يَخَافُ عُقْبَاهَا ﴿15﴾ ) سورة الشمس.
جاء لفظ (انبعث) ليدل أنهم يريدون أن يذبحوا ناقة الله تعالى بمحض إرادتهم وكان ذلك هدفا يريدون أن يحققوه مهما كانت العقبات التي يمكن أن تواجههم.
قال الله تعالى: (رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ ۚ إِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) البقرة - الآية 129.
هو رسول لأنه يحمل رسالة إليهم، ومبعوث لأنه نبي سيبعث فيهم وسيكون صاحب إرادة في كيفية إقناعهم والرد عليهم وكذلك رد الإعتداء في حال العدوان عليه وعلى المؤمنين.
قال الله تعالى: (قَالُوا أَرْجِهْ وَأَخَاهُ وَابْعَثْ فِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ). سورة الشعراء.
وقال سبحانه:(قَالُوا أَرْجِهْ وَأَخَاهُ وَأَرْسِلْ فِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ ﴿111﴾ ) . سورة الأعراف.
هذه الآيات الكريمة فارقة في تبين إختلاف المعنى بين لفظي (ارسل) و(بعث) بدقة بالغة، وما ارتبط بهما من ألفاظ في الآيات الكريمة .
لماذا اختلفت بعض الألفاظ في قصة موسي عليه السلام وفرعون ؟ ( وَأَرْسِلْ فِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ ) ( وَابْعَثْ فِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ ) .
قال سبحانه وتعالى (قَالَ لِلْمَلَإِ حَوْلَهُ إِنَّ هَٰذَا لَسَاحِرٌ عَلِيمٌ ﴿34﴾ يُرِيدُ أَنْ يُخْرِجَكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ بِسِحْرِهِ فَمَاذَا تَأْمُرُونَ ﴿35﴾ قَالُوا أَرْجِهْ وَأَخَاهُ وَابْعَثْ فِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ ﴿36﴾ يَأْتُوكَ بِكُلِّ سَحَّارٍ عَلِيمٍ ﴿37﴾ فَجُمِعَ السَّحَرَةُ لِمِيقَاتِ يَوْمٍ مَعْلُومٍ ﴿38﴾ وَقِيلَ لِلنَّاسِ هَلْ أَنْتُمْ مُجْتَمِعُونَ ﴿39﴾ لَعَلَّنَا نَتَّبِعُ السَّحَرَةَ إِنْ كَانُوا هُمُ الْغَالِبِينَ ﴿40﴾ . سورة الشعراء
قال الله تعالي ( قَالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِ فِرْعَوْنَ إِنَّ هَٰذَا لَسَاحِرٌ عَلِيمٌ ﴿109﴾ يُرِيدُ أَنْ يُخْرِجَكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ ۖ فَمَاذَا تَأْمُرُونَ ﴿110﴾ قَالُوا أَرْجِهْ وَأَخَاهُ وَأَرْسِلْ فِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ ﴿111﴾ يَأْتُوكَ بِكُلِّ سَاحِرٍ عَلِيمٍ ﴿112﴾ وَجَاءَ السَّحَرَةُ فِرْعَوْنَ قَالُوا إِنَّ لَنَا لَأَجْرًا إِنْ كُنَّا نَحْنُ الْغَالِبِينَ ﴿113﴾ قَالَ نَعَمْ وَإِنَّكُمْ لَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ ﴿114﴾ . سورة الأعراف .
أثار أعداء الاسلام الشكوك حول الآيات الكريمة ووصفوا كلام الله بأنه كلام بشري لاحتوائه علي ألفاظ مُختلفة في حدث واحد !
حيث قالوا في انتقادهم لكلام الله : هل فرعون هو الذي قال أم ملأ فرعون هم الذين قالوا ؟! وهل قالوا : ( أَرْسِلْ) أم ( ابْعَثْ ) , ( سَحَّارٍ) أم ( ساحر ) ، ( وجاء السَّحَرَةَ) أم ( فجُمع السَّحَرَةَ) ، وكأن الكاتب أخطأ ، ولم يُلاحظ هذا الاختلاف الذي وقع فيه ، مدعين أنه كلام بشر !
عند قراءة الآيات يبدو لنا أنَّ هناك آيات مُكررة ، وألفاظ مُختلفة في حدث واحد !
لكن عندما نتدبر كلام الله نكتشف ، أنَّه ليس هناك أخطاء ، كما أدعى أصحاب الشُبهات .
إنَّ هذا الاختلاف في الكلمات أوضح قدرة الله سبحانه وتعالى ، ودقة كلامه الذي يُعبر عن كل حدث بما يُناسبه ، وتبينَ أنَّ ما كان هجوم ، وتقليل من كلام الله تعالى ، يتضح من التدبر أنه كلام بالغ الدقة ،لا يأتي إلا من الخالق الذي فوق كل ذي علم .
لفظ (ابْعَثْ) دل علي أنَّ الجنود سيأتون بالسحرة من قوم فرعون , ومن هم تحت حكمه ، كما دلت الكلمة علي حرية الجنود في استخدام الوسائل التي يرونها لتنفيذ المهمة , وتحقيق الهدف ، وهو أن يأتوا بالسحرة .
لماذا استخدم الله تعالي كلمة ( سحّار ) ؟
لأنَّ السحرة من قوم فرعون , ومن تحت حكمه, فإنَّ الجنود يعلمون من هو الساحر المُتميز الذي سيأتون به دون الساحر الضعيف .
و لفظ ( فجُمع ) يُوحي بأنَّ الجنود سيأتون بالسحرة , حتي لو أجبروهم علي ذلك ، لأنَّ كلمة ( الجمع ) تدل علي أنَّه لا إرادة لمن يتم جمعه .
مثل قول الله تعالي (قُلِ ٱللَّهُ يُحۡيِيكُمۡ ثُمَّ يُمِيتُكُمۡ ثُمَّ يَجۡمَعُكُمۡ إِلَىٰ يَوۡمِ ٱلۡقِيَٰمَةِ لَا رَيۡبَ فِيهِ وَلَٰكِنَّ أَكۡثَرَ ٱلنَّاسِ لَا يَعۡلَمُونَ ٢٦ ) سورة الجاثية , فليس للناس قرار في يوم البعث ، ولكن سيتم جمع الناس سواء بإرادتهم ، أو دون إرادتهم .
والفاء التي سبقت كلمة ( جمع ) في قول الله تعالى ( فَجُمِعَ السَّحَرَةُ ) دلت علي سرعة التنفيذ , وهو ما دل بدوره علي أن السحرة من قومه ، ومن المدائن التي يحكمها .
أما لفظ ( أَرْسِلْ) فقد وصف عملية الإرسال , التي تعني التبليغ فقط ، وهذا بيَّنَ أنَّ السحرة ليسوا تحت سيطرة فرعون ، وأنهم من أماكن بعيدة.
والدليل قول الله تعالي ( وَجَاءَ السَّحَرَةُ ) حيث دلت علي المجئ الحُر ، وليس الإجبار ، و( الواو ) هنا لا تدل علي فترة زمنية مُحددة لمجيئهم عكس حرف ( الفاء ) في كلمة ( فجُمع ) التي دلت علي سرعة التنفيذ لقرب مكان السحرة وخضوعهم لفرعون .
قال الله تعالى ( وَجَاءَ السَّحَرَةُ فِرْعَوْنَ قَالُوا إِنَّ لَنَا لَأَجْرًا إِنْ كُنَّا نَحْنُ الْغَالِبِينَ ) الآية ﴿113﴾
عندما طلب السَّحَرَةُ الحصول على أجر إن كانوا هم الغالبون بعد لفظ ( أَرْسِلْ) أكد أن السَّحَرَةُ أغراب عن فرعون ، لأنهم لو كانوا من قومه ، أو تحت حكمه ، لما تجرؤا على طلب أجر من فرعون وهو الحاكم الذي وصل تجبره إلى درجة أنه أمر قومه أن يتخذوه إله ! .
إبراهيم محمد حامد

ليست هناك تعليقات