أخبار الموقع

 إذا سألك أحد ، ما معنى يفقه ؟ ستكون الاجابة (يفهم ) !

للوهلة الأولى يبدو ذلك صحيحاً , فهما لدى الناس بمعنى واحد.

بل في معاجم اللغة العربية تمت الاشارة إلى أنَّ الفقه هو الفهم وإدراك المعنى .

بينما عرَّف عُلماء اللغة  لفظ ( الفهم )  بإنه هو الفقه , و لما زادوا في تعريفهم  للفهم قالوا : ( إن الفهم هو حُسن تصور الشيء )  . 

وفي التفاسير ، لم يخرجوا أيضاً عن ذات الدائرة , حيث  لم يُفرقوا بين الفقه والفهم . 

لكن هل فرَّق القرآن بين اللفظين ؟ 

ذكر القرآن لفظ ( الفقه ) العديد من المرات ,  بينما تم ذِكر لفظ ( الفهم ) مرة واحدة , قال الله تعالى :  (( وَدَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ إِذْ يَحْكُمَانِ فِي الْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شَاهِدِينَ ﴿78﴾  فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ ۚ وَكُلًّا آتَيْنَا حُكْمًا وَعِلْمًا ۚ وَسَخَّرْنَا مَعَ دَاوُودَ الْجِبَالَ يُسَبِّحْنَ وَالطَّيْرَ ۚ وَكُنَّا فَاعِلِينَ (79)  ))  سورة الأنبياء.

لقد حكم داوود عليه السلام بالعلم الذي آتاه اللهُ ، فكان حُكمه فقهياً

بينما حكم  سُليمان عليه السلام في ذات القضية من خلال إعمال رأيه الذي آتاه اللهُ أيضاً , فكان حُكمه حق ، مثلما كان حُكم داوود عليه السلام . 

من الآية الكريمة نُلاحظ أن معنى الفهم , ليس فقط فقه القول و لكن , يزيد عليه بالتفكير والرأي .

و الفقه هو أن نفقه معنى الكلام كما هو دون زيادة أو نُقصان .

بينما الفهم هو أنك تفقه القول أو تتفكر في الفعل ، ثم تأتي برأيك فيه ، ذلك في الأمور الحياتية المتغيرة ، وليس في ثوابت العقيدة والعبادات والمعاملات الصحيحة . 

إنه التفاعل بين المقدمات ليأتي الإنسانُ بحكم لم يكن لديه مسبقاً

وعند تأمل بعض آيات الله تعالى ، سنلاحظ أن الفقه يتم ذكره مع القول .

قال الله تعالى : (( حَتَّىٰ إِذَا بَلَغَ بَيْنَ السَّدَّيْنِ وَجَدَ مِنْ دُونِهِمَا قَوْمًا لَا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ قَوْلًا ))  ﴿93﴾   سورة الكهف

الفقه في الآية جاء مقترناً بالقول .


 (( أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِكْكُمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنْتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ ۗ وَإِنْ تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ يَقُولُوا هَٰذِهِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ ۖ وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَقُولُوا هَٰذِهِ مِنْ عِنْدِكَ ۚ قُلْ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ ۖ فَمَالِ هَٰؤُلَاءِ الْقَوْمِ لَا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثًا ))  ﴿78﴾   سورة النساء .

وهنا اقترن الفقه في الآية الكريمة بالحديث .

 (( قَالُوا يَا شُعَيْبُ مَا نَفْقَهُ كَثِيرًا مِمَّا تَقُولُ وَإِنَّا لَنَرَاكَ فِينَا ضَعِيفًا ۖ وَلَوْلَا رَهْطُكَ لَرَجَمْنَاكَ ۖ وَمَا أَنْتَ عَلَيْنَا بِعَزِيزٍ ))  ﴿91﴾ سورة هود ، نفوا الفقه في القول .

 كذلك قول الله تعالى : (( يَفْقَهُوا قَوْلِي ))  ﴿28﴾  سورة طه ، بين أن القول يحتاج إلى فقه .

نلاحظ من خلال تدبر الآيات السابقة ، أن القول ارتبط دائما بالفقه ، ولم يرتبط ولو لمرة واحدة بالفهم .


    إبراهيم محمد الدمياطي


ليست هناك تعليقات